محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي المكي، أبو جعفر: من حفاظ الحديث. قال ابن ناصر الدين: له مصنفات خطيرة، منها كتابه في وكان مقيما بالحرمين، وتوفي بمكة سنة (322 هـ).
لم يبيّن المؤلف رحمه الله منهجه في كتابه هذا ولم ينص عليه، ولذلك يمكن الكلام عن منهجه من خلال صنيعه في الكتاب على النحو التالي: 1. قدَّم المؤلف لكتابه بمقدِّمة نفيسة في بيان أحوال من نُقِل عنه الحديث ممن لم ينقل، كما سبق. 2. رتَّب المؤلف كتابه على حروف المعجم مراعيًا في ترتيبه الحرف الأول فقط من كل اسم، فنجده مثلاً ذكر: أنس ثم أسد ثم أسيد ثم أشعث ثم إياس ثم أمية ثم أبان.. ثم باب إسماعيل ثم باب إسحاق.. وهكذا. 3. يذكر المؤلف في الترجمة: اسم الراوي ونسبه ونسبته، ولا يُطيل في ذلك غالبًا، ونادرًا ما يذكر الشيوخ والتلاميذ، ولا ينص على سنة وفاة المترجم. 4. تتفاوت تراجم الرواة عند العقيلي طولاً وقِصَرًا بحسب حال الراوي والكلام فيه، وكثر أحاديثه. 5. غالبًا ما يذكر حكمه على الراوي قبل أن ينقل أقوال الأئمة فيه، فيُصدِّر الكلام على الراوي - بعد ذكر اسمه ونسبته ونسبه - بحكمه المختصر على الراوي؛ كأن يقول: لا يُتابع على حديثه، أو منكر الحديث، أو غير ذلك. ثم يسوق أقوال الأئمة في الراوي بإسناده إليهم، وربما ذكر أقوال الأئمة من غير أن يحكم هو على الراوي مُكتفيًا بكلامهم ومُقرًّا لهم، ويُلاحظ كثرة نقوله في هذا الكتاب عن الإمام البخاري، فقد نقل عنه في أكثر من ستمائة موضع. 6. ثم يسوق العقيلي الأحاديث المُستنكرة على الراوي، ويبيِّن علتها، فكثيرًا ما نجده يقول: وهذا المتن بهذا الإسناد منكر، أو يقول: ولا يُتابع عليه، أو يقول: غير محفوظ، أو غير ذلك، وكتاب العقيلي مليءٌ بالصناعة الحديثية وبيان العلل، كما لا يخفى على المتخصصين. 7. ولا يقتصر العقيلي على بيان ضعف أسانيد الأحاديث التي يوردها في ترجمة الراوي فحسب، بل يُنبِّه على المتن إذا كان صحيحًا أو ضعيفًا. 8. وربما بيَّن الحافظ العقيلي ضعف أحاديث الباب كلها، أو أنه لا يصحُّ في الباب شيء، أو لا يصحُّ في هذا المتن شيءٌ. 9. زاد الحافظ العُقيلي عما يشمله عنوان كتابه: ذكر الرواة الثقات الذين قد تفرَّدوا بمناكير، أو طرأ عليهم سوء حفظ أو تغيُّر، أو اختلاط، أو وقعوا ببدعة. مما جعل الأئمة الذين جاؤوا بعده يتعقَّبوه في ذلك ويُشنِّعوا عليه، ويُشدِّدوا النكير على صنيعه هذا كما سيأتي بيانه في مبحث المآخذ.